موطن الأمجاد والبطولات والرجال الأفذاذ
يمثل الوطن قيمة عالية، ومعنى عظيماً، فهو منبع الهوية ورمزها، ومبعث الفخر والاعتزاز ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، انتماءً وحباً وولاءً تتوارثه الأجيال. وقد اختص الله ــ جل وعلا ــ بلادنا وشرفها بأن جعلها مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين، وهي موطن الأمجاد والبطولات والرجال الأفذاذ، ومنها أشرقت رسالة الحضارة والتنوير، وانبثقت مبادئ القيم الإنسانية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.
ونحن عندما نعيش ذكرى اليوم الوطني لبلادنا الغالية، فإننا نستلهم هذه المكانة العظيمة، والمنزلة الرفيعة السامية، ونستحضر الحدث والتحول التاريخي في رحلة الكفاح والبناء التي خاضها مؤسس هذه البلاد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيب الله ثراه - منذ انطلاقة مسيرة التوحيد المباركة، التي حمل رايتها من بعده أبناؤه القادة الميامين، الذين عملوا بإخلاص على إرساء ثوابت الوطن وتعزيز منطلقاته، لمواكبة العالم الحديث، وإطلاق نهضة تنموية شاملة ونقلات كبيرة متتالية، جعلت المملكة تتبوأ موقعها الريادي بين دول العالم، كياناً سياسياً مؤثراً على كافة الأصعدة، ولعل إعلان الاقتصاد السعودي الأعلى نمواً بالعالم في عام 2022 حسب تقرير صندوق النقد الدولي يعطي دلالة واضحة على هذه المكانة وهذا التأثير، حيث تواصل المملكة اليوم نموها وتقدمها وتطورها، عبر مختلف البرامج والمبادرات والمشروعات التي ترسم مستقبلاً واعداً للوطن وأبنائه، وتدفع عجلة الإنجاز نحو تحقيق المزيد من البناء والتحديث والإصلاح، بما يحقق الأهداف الاستراتيجية لرؤية القيادة الحكيمة، انطلاقاً من التوجيهات السديدة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، والإشراف المباشر والمتابعة المستمرة من سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين حفظه الله، الذي عمل على استنهاض همة الإنسان السعودي، واستثمار طاقاته، بوصفه الركيزة الأساسية التي يعول عليها، ليكون هذا الوطن عزيزاً قادراً منتجاً معطاءً، وفق خطة طموحة تشكل قوتها الاقتصادية والتنموية المفتاح الرئيس لمستقبل سعودي يصنع الإنجاز والإعجاز بأيدي أبنائه.
وهو ما تجسد أيضاً على المستوى الدولي، إذ حرصت قيادتنا الرشيدة - أيدها الله - على تعزيز مواقف المملكة الثابتة وسياساتها المتوازنة تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، من خلال القمم الهامة التي شارك بها عدد من قادة العالم، واحتضنتها بلادنا برعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه، ومن ذلك قمة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الثانية والأربعين، وقمة جدة للأمن والتنمية، إضافة إلى المشاركة الفاعلة في قمة دول العشرين الأخيرة، فضلاً عن الزيارات التي قام بها سيدي ولي العهد الأمين - حفظه الله - للعديد من الدول الشقيقة والصديقة، كما أن دول العالم تنظر للمملكة بكثير من التقدير، وتثمن عالياً دورها المحوري في حفظ توازن واستقرار أسواق النفط والطاقة، عقب ما مرت به من تحولات في الأعوام الأخيرة. كل هذا الحراك أبرز في مجمله الدور السعودي المؤثر والمكانة الكبيرة التي تحتلها المملكة في المشهد الدولي، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية.
وفي ظل ما تحظى به جميع قطاعات الدولة ومؤسساتها المختلفة من تطور ونماء، فقد نالت وزارة الحرس الوطني نصيباً وافراً من الدعم والاهتمام، باعتبارها أحد مكتسبات الوطن وصروحه الشامخة، لتتمكن من أداء رسالتها التي تتشرف بها، ودورها الوطني بمختلف جوانبه العسكرية والصحية والثقافية، والمضي نحو المزيد من الإنجازات الحضارية للوطن والمواطن. وفي هذا الإطار واصلت الوزارة رفد مسيرة التنمية بالكفاءات المؤهلة من أبناء وبنات الوطن من خلال مؤسساتها العسكرية والتعليمية والصحية والثقافية، كما تواصل الوزارة العمل على تطوير منظوماتها، لتحقيق مستهدفات الرؤية الطموحة للقيادة الرشيدة - أعزها الله - والحرص على رفع كفاءة منسوبيها وتطوير آليات العمل بشكل عصري متكامل، وتجويد مخرجاته، عبر خطط وبرامج التطوير المتواصلة في كافة قطاعاتها وهيئاتها وإداراتها.
وإنه ليشرفني بمناسبة اليوم الوطني الثاني والتسعين، أن أرفع باسم كافة منسوبي وزارة الحرس الوطني - مدنيين وعسكريين - أسمى آيات التهاني لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين حفظهما الله، داعياً الله ــ عز وجل ــ أن يوفقهما، ويديم عزهما، وأن يحفظ لهذا الوطن الغالي أمنه واستقراره ورخاءه.